هل يمكن الاستفادة من المحكمة الجنائية؟/ موقف معاهدة جنيف من المستشفيات/ الموقف القانون الدولي من الحرب

الحرب الإسرائيلية على غزة والقانون الدولي: الإمكانيات المتاحة والتحديات

اعداد: د.الهام علان

عقدت في الجمعية الاردنية للعلوم السياسية يوم السبت جلسة  نقاشية معنونة بـالحرب الإسرائيلية على غزة والقانون الدولي: الإمكانيات المتاحة والتحديات للاستاذ الدكتور محمد  خليل الموسى/ استاذ القانون الدولي، وادار الجلسة د.شيم المجالي وبحضور رئيس الجمعية الاستاذ الدكتور خالد شنيكات واعضاء الجمعية والمهتمين. 

 

ما هي أدوات ادامة الاحتلال كتحليل قانوني؟ هي فرقة غزة، والتي وجُهت لها عملية طوفان الأقصى، هي الفرقة التي كانت تدين الاحتلال والجرائم، تدين الحصار تدين العمليات العسكرية تراقب القطاع؛ فالاحتلال أداة التنفيذ الأولى والمتقدمة فيه هي فرقة غزة. والسؤال المطروح: هل دخولهم لأراضي غير أراضيهم هو عمل مرفوض في القانون الدولي؟ بالتأكيد لا

مثال: هل إذا رميت عليك حجارة على بعد مئة متر وتريد الدفاع عن نفسك تقول لي لا يجوز أن اقترب منك!

في القانون يجب ان تذهب الى مصدر التهديد.  إذا حالة الدفاع عن النفس تقتدي الذهاب الى مصدر التهديد لإلغاء التهديد فإذن الضرورة قائمة.

ومصدر العدوان من فرقة غزة ولنسلم بالحجة بأنهم ذهبوا للأراضي ليس بهدف الأراضي لان مصدر ادامة الاحتلال موجود ضمن غلاف غزة.

والتساؤل: هل يمكن ان يدافعوا ويرفعوا الحصار عن غزة دون الذهاب الى تلك الفرقة؟ حتما لا، وبالتالي الضرورة قائمة ومن شروط الدفاع عن النفس الضرورة والتناسب وهنا الضرورة قائمة.

ولهذا وجهت عمليتها العسكرية ضد ذراع الاحتلال الصهيوني في غلاف غزة لتمنع الإجرام اليومي والخنق والحصار الممارس يوميا، والتناسب هنا (بمعنى الأسلحة والعملية العسكرية ما زادت عن الضرورة العسكرية فالفعل الذي تم استخدامه اقل من الواجب عسكريا والشرط متوفر لم يتم تجاوزه وليس هناك افراط).   

وفعل الدفاع يجب ان يتناسب مع الضرورة العسكرية وهل فعلا المقاومة الفلسطينية بأسلحتها البدائية البسيطة والتي عطلت التكنولوجيا هي أسلحة عشوائية وليس بها تناسب (كلاشينكوف، طائرة شراعية...الخ) التناسب عسكريا موجود.

اما موضوع المدنيين وماذا حدث دعونا نتناقش هل مستوطنين غلاف غزة هم مدنيين فعلا وليست الفكرة اللباس سواء كان لباس مدني او عسكري؟

في القانون الدولي المدني هو الذي له أنشطة تتقاطع مع انشطة عسكرية ويعامل معاملة العسكري.

ألم تكن هذه المستوطنات من أدوات ادامة السيطرة على الكيان؟ وبالتالي فالعمل العسكري لم يكن موجها نحو المدنيين، بل كان موجها نجو العسكر وما رافق ذلك من اضرار فتسمى اضرار عابرة في قانون النزاعات المسلح، ولا يجوز الخلط ما بين قانون النزاعات المسلحة وقانون استخدام القوة.

الدفاع عن النفس خاضع لقواعد استخدام قانون القوة وموضوع الأسلحة المستخدمة والاضرار خاضع لقانون النزاعات المسلحة.  لذلك لا يجوز الخلط بين قانون استخدام القوة وقانون النزاع المسلح فالدفاع عن النفس خاضع لقانون استخدام القوة واستخدام الأسلحة خاضع لقانون النزاع المسلح.

وحسب محكمة العدل الدولية بالرأي الاستشاري لسنة 1996 المتعلق بالأسلحة النووية فإنه لا يجوز الخلط بين قانون استخدام القوة وقانون النزاع المسلح.

والدفاع عن النفس قائم، وقانون النزاع المسلح لا يهتم بمشروعية استخدام القوة من عدمها ويقول إذا نشبت الحرب فعمله تنظيمها أما قانون استخدام القوة فيتحدث عن مشروعيتها. ولهذا صك الصهاينة هذا الخطاب من خلال القوة المفرطة والدفاع وخلطوا عن قصد حتى يكون هناك تلبيس.

 والمعركة ممارسة مشروعة للكفاح المسلح ويوجد في الشعب أكثر من حركة كفاح مسلح وليس شرطا ان يكون معترفا بها مثل منظمة التحرير الفلسطينية، بل من اثبت نفسه فعليا على أرض الواقع (الاثبات الذاتي) كما حصل في دول افريقيا.

 موزمبيق كان فيها أكثر من حركة مقاومة بمعنى الكفاح المسلح ليس حكرا على منظمة التحرير الفلسطينية من ناحية القانون الدولي وبذلك لا يجوز أن تحتكر حركة الكفاح المسلح بمفردها وما تم في طوفان الأقصى هو كفاح مسلح وليس دفاع عن النفس وكل العناصر القانونية موجودة.

هل يتم اعتبار الكيان الصهيوني في حالة دفاع عن النفس؟

حتما لا لأنه هو المحتل. هناك قاعدة في القانون الدولي تقول: من شروط الدفاع ألا يكون مثارا بمعنى من يتمسك بالدفاع لا يكون هو السبب في اثارة الحادث، ومحكمة العدل الدولية عام 2004 في الرأي الاستشاري المتعلق بالجدار قالت ذلك من خلال احتجاج إسرائيل بالدفاع عن النفس وقالت لهم ليس لكم دفاع عن النفس مطلقا انتم حالة احتلال. لذلك لا يجوز أن نقول بأن لهم الحق في الدفاع عن النفس بل حربهم عدوانية على القطاع.

وهنا يثار تساؤل وهو هل يجوز الاحتجاج بالدفاع عن النفس ضد غير دولة في القانون الدولي؟ في ميثاق الأمم المتحدة بالنص القانون الإنجليزي ونصه: اذا وقع هجوم مسلح ضد دولة عضو فيكون للدولة العضو...

اما النص في القانون الفرنسي فهو: الحالة التي يتعرض فيها عضو في الأمم المتحدة لعدوان مسلح...

بمعنى الدفاع عن النفس ليس بأي عدوان، وليس أي استخدام للقوة يبيح الدفاع عن النفس، بل يجب أن يكون على درجة من الشدة والخطورة التي تبيح الدفاع عن النفس.

وهنا نقول: هل الهجوم المحدود ضد المحتل في غلاف غزة يرقى الى تطبيق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة؟ وبالمجمل ليس كل عمل عسكري يمكن أن يبرر الدفاع عن النفس.

هل يجوز اغلاق معبر رفح بحجة التهجير؟ الجواب لا، لان التهجير تعالجه تجاريا.

حين وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد وكان ممنوع على مصر أن يكون لها قوات مسلحة بالحدود المتاخمة لغزة على عمق33 كيلو، وبعد وجود حماس والمقاومة بغزة انتبهت إسرائيل للموضوع وعملوا اتفاقية المعابر عام 2005 مع مصر (اتفاقية فيلادلفيا) مع انها أراضي مصرية. الاتفاقية تسمح لقوة من حرس الحدود المصرية أن يقوموا بمهام أمنية على حدود مصر- غزة مع السماح لها بوجود 750 جندي على طول الحدود و14 كم يمكن تواجد الجنود وتحديد نوع الأسلحة من بنادق وجيبات واسلحة وخفيفة، وفي العام 2007 تم تعديل الاتفاق وهنا شاركت السلطة الفلسطينية بالتعديل والهدف من التعديل احكام السيطرة على غزة بعد أن فازت حماس بالانتخابات. والمهام التي كلفت فيها أولا البحث عن الانفاق.

المهم بالموضوع الاتفاق يخل بالسيادة المصرية ونص المادة 1 من اتفاقية جنيف الرابعة: تتعهد الأطراف السامية بأن تحترم الاتفاقية / لم يقل هنا الأطراف بالنزاع

وبالتالي مصر ملزمة باتفاقية جنيف ومسؤولة عن معبر رفح بوقف القتال وعدم المشاركة بالتجويع وملزمة بإدخال المساعدات ولهذا مصر مشاركة بتهيئة الظروف المعيشية التي تفضي للإبادة بإغلاق المعبر وقانونيا يمكن تحميل مصر مسؤولية جنائية بإغلاقها للمعبر. وبناء على المادة 25/3/ج من نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية: إمكانية مسائلة من يقدم العون او التحريض او المساعدة بأي شكل بغرض تيسير ارتكاب الجريمة او الشروع بارتكابها.

وبالتالي اغلاق المعبر يسهل ارتكاب الجريمة بحق أهل غزة. أما مسؤولية الأمم المتحدة في هذا الاطار من خلال قرار الجمعية العامة ضعيف لأنه لا يجوز التساوي بين الضحية والجلاد ويدان الطرفين في قتل المدنيين، وقام القرار بعدم ذكر الاجرام الصهيوني ولم يطلب ملاحقة ارتكاب عن الجرائم - هناك تحصين من الولايات المتحدة لإسرائيل.

فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن هو فصل سادس وليس فصل سابع بمعنى توصية وليس قرار. ويشير القرار الى القانون الإنساني الدولي ولا يشير الى الانتهاكات الجسيمة، وكل تركيزه على الأطفال طالما لا يشير الى انتهاكات جسيمة فهو لا يشير الى جرائم

واعتبر الأسرى رهائن ولم يطلب وقف العدوان وطلب هدنة لم يحدد توقيتها متى تبدأ ومتى تنتهي ولم يوصف الحالة بأنها تهدد مجلس الأمن الدولي.

والسؤال المطروح: هل يمكن تحميل الأمم المتحدة المسؤولية ومقاضاتها عن امتناع مجلس الأمن عن تحمل مسؤولياته؟

المستشفيات: المقاومة لم تستخدم المستشفيات لأغراض عسكرية وتم اثبات ذلك وهناك إشكالية في التنظيم القانوني المستشفيات.

المادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة: لا يجوز باي حال الهجوم على المستشفيات المدنية لتقديم الرعاية للجرحى والعجزة والنساء والنفاس وعلى الأطراف حمايتها، على الدول الأطراف في أي نزاع أن تسلم جميع المستشفيات المدنية شهادات تثبت ان المستشفيات ذات طابع مدني.

المادة 19: لا يجوز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية الا إذا استخدمت خروجا على واجباتها الإنسانية في القيام بأعمال تضر العدو.

(متى يكون المستشفى مدني لا احد يعرف وعلى الدولة أن تعطي شهادة للمستشفى بأنه مدني- ما قام به الإسرائيليين أنهم قالوا بأن المستشفيات مراكز قيادة  بمعنى لو وقع ضحايا مدنيين فذلك عذر مقبول للضرورة العسكرية التي يتم تحقيقها).

الإبادة الجماعية: هناك إبادة جماعية لقطاع غزة من خلال فرض ظروف معيشية، الهدف منها الاهلاك الكلي او الجزئي لأفراد الجماعة والابادة، هنا جاءت ليس لأنهم سكان مدنيين حتى لا تكون إبادة ضد الإنسانية، بل جاءت لأنهم فلسطينيين مسلمين لذلك انقلبت من جريمة ضد الإنسانية لإبادة جماعية.

امكانيات الملاحقة: هل سنستفيد من المحكمة الجنائية الدولية؟  الجواب: لا

بسبب عيوبها البنيوية بنظامها، والمحكمة تشتغل بالتكامل، بمعنى سيأتي المدعي العام ويقول أنا احقق، ولكن النظام القضائي الإسرائيلي قادر على محاكمتهم: تكامل) أما النظام القضائي الفلسطيني لا يستطيع محاكمتهم فعليكم بالإتيان بقيادة المقاومة- وهذا وارد لان المدعي العام بالمحكمة قال: سنحقق أي جماعة على أرض فلسطين اذا ما ارتكبت جريمة ستكون مشمولة باختصاصنا.

بالمجمل المحكمة الجنائية الدولية بعد أحداث غزة يجب أن تطوى صفحتها ويتم تعديل نظامها بسبب المشاكل الموجودة فيه ونظامها لا يسمح لطرف مثل الطرف الفلسطيني أن يستفيد منه.

 اتفاقية منع الابادة الجماعية التي وُقعت سنة 1949شاركت فيها كل من الاردن ومصر، والجزائر وتركيا وإسرائيل. والمادة 9 في الاتفاقية تعطي محكمة العدل الدولية اختصاص اجباري بإمكاننا ان نلجأ كما لجات البوسنة وكما لجات أوكرانيا الى المحكمة الان بطلب أمر مستعجل بوقف المذابح التي ترتكب وعمل التدابير المستعجلة.

ولا دولة قدمت هذا الطلب على الرغم من معرفتهم بهذا القانون لأنهم لا يريدوا أن يجابهوا الولايات المتحدة بتداعيات هذا الموضوع ولأن موضوع الإبادة الجماعية حساس عند الإسرائيلي. وللعلم، يمكن للأردن وباقي الدول العربية المطالبة بالتحقيق باعتبار الأردن طرف بنظام روما والمادة 10 فقرة 4 من قانون العقوبات يمكنه عمل محاكمة امام قضائه بتعديل المادة 10: أي أجنبي ارتكب جريمة خارج الأردن ومقيم بالأردن تتم محاكمته/ يتم التعديل بحذف كلمة مقيم وهذه صلاحية عالمية غير مقيدة وموجودة في سويسرا و15 دولة افريقية.

نظرية التدابير المضادة: يمكن الرجوع لإسرائيل بهذه النظرية بسبب ارتكابها للجرائم وتستطيع أي دولة اتخاذ التدابير العقابية دون الوصول إلى استخدام القوة مثل تجميد علاقات دبلوماسية، إيقاف العمل بالاتفاقيات أو سحبها أو نقضها.

هناك أسباب قانونية تسمح للأردن بأن ينقض اتفاقياته مع الكيان الصهيوني بسبب تغير ظروف التعاقد والتي أصبحت تضر بالأمن الوطني وعلى الأقل تجميد الاتفاقيات، وهذا ينطبق على باقي دول المنطقة.

 

2023 © جميع الحقوق محفوظة - الجمعية الاردنية للعلوم السياسية